الشعلة: لؤي الزاهر
زيارة الپاپا القصيرة للعراق أثارت الشكوك بالمخططات المرسومة للعراق ودول المنطقة في الغرف الامريكيةـالاسرائيلية المظلمة. وهنا تطرح نفسها هذه الأسئلة: لماذا زيارته الآن للعراق، ولماذا لم يقم بها عندما كان العراقيون يقتلون على أيدي قوى السلطة وعصاباتها المدعومة من قبل أمريكا وايران؟ هل هي زيارة القوة الناعمة، تروج وتشجع الاستثمار بالعراق؟ أم هي جائت لاضفاء الشرعية للسلطة الحاكمة بعدما استنفذت نفسها وحرقت جميع أوراقها؟ ام جائت استكمالاً للطرقات الامريكية التي بدئتها بمسرحية مطار أربيل وتبعتها بلقاء قناة العربية برغد صدام حسين؟
ومن الملاحظ ان الپاپا لم يتطرق الى نتائج التحقيق المفترضة بمجزرة كنيسة سيدة النجاة ببغداد ولا الى عملية إختطاف وقتل المطران پولص فرج رحو رئيس أساقفة الكلدانية الكاثوليكية بالموصل بتاريخ 29 شباط 2008 التي تمت على أيدي عصابات مسعود البرزاني بأيعاز من السفير الامريكي، حيث كان المطران احد الرموز الوطنية العراقية التي عملت على كشف المؤامرات الامريكية بالعراق والتصدي لها بدعوته للمسيحيين بالتمسك بالارض وتعزيز اللحمة بين جميع الاديان بالعراق وهو الذي كان يدافع عن المسلمين وغيرهم. وبدلاً من إدانته لهذه الجرائم ومرتكبيها، قام بمباركة المجرمين القائمين عليها في بغداد وأربيل.
من الذي نسق هذه الزيارة؟
كلف عميل المخابرات البريطانية السيد جواد الخوئي بترتيب زيارة الپاپا الى العراق، فمن هو جواد الخوئي؟ السيد جواد هو حفيد المرجع الشيعي الكبير ابو القاسم الخوئي.
جواد الخوئي يشارك العملُ بمعيةِ السفيرين الأمريكي والبريطاني ورئيس وزراء حكومة الاحتلال، مصطفى الكاظمي، إنه يعمل بصمت وبخفاء لترسيم الوضع لما بعد رحيل السيد السيستاني. ولم تأتِ من فراغ الحملات الإعلامية التي تؤكد أنّ النجف عاصمة التشيع ومركز القيادة فيها، وبهذا يعملون على تنحية جميع المراجع الشيعية (مقال سليم الحسني عن دورالسيد جواد الخوئي بمساعدة السيد محمد السيستاني) تمهيداً ـ ضمن نسق حزمة من الاجراءات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية ـ لعملية التطبيع مع الكيان الصهيوني وإعادة تقسيم العراق على أساس مكونات وطوائف. ولأجل تحقيق هدف إعادة تقسيم المنطقة ولتحييد المعارضات الجماهيرية وإخماد صوتها وتضليلها، منحوا التطبيع قيمة بتأطيره بطابع ديني ودوافع عقائدية، مما يفتح ابواب دول المنطقة مشرعة للتغلغل الإسرائيلي والتحكم بها. من هنا ولهذا السبب بالتحديد جائت زيارة الپاپا للعراق حاملاً “رسالة السلام” شعار من عسل ملؤه سم زعاف.
لنبدأ من عنوان الزيارة، “السلام”. وهو المقصود فعلا وليس قولاً! وهذا السلام يسمى بالاتفاقيات الابراهيمية أو اتفاقيات إبراهيم، ويشار اليها بالإنكليزية إبراهام أكوردز أي الاتفاق الإبراهيمي وهو مايعبر عنه بالإعلام “اتفاقيات السلام” بين الدول العربية وإسرائيل. ولمزيداً من الوضوح اطلق على اتفاقية السلام بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل رسمياً إسم معاهدة اتفاق إبراهيم للسلام، وكذا مع البحرين.
لنرجع قليلا الى تاريخ 3 /2 /2019. تم توقيت زيارة الپاپا للامارات مع عقد مؤتمر الأخوة الإنسانية وكان في استقباله أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس “حكماء المسلمين” صاحب المواقف المثيرة للُّغطِ والشك.
وجاءت الزيارة بناء على دعوة من ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، للمشاركة في مؤتمر لحوار الأديان.
وفي هذا السياق على هامش المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية المنعقد على مدار يومين بالتزامن مع زيارة البابا فرنسيس، قال حاخام كنيس باريس الكبير موشيه سيباغ لسكاي نيوز، “أن احتضان العاصمة الإماراتية أبوظبي لمؤتمر الأخوة الإنسانية يمثل حدثا مهما للغاية”، مشيرا إلى إنه يساعد في تصحيح المفاهيم الخاطئة من خلال التفاعل المباشر بين أتباع الديانات وليس عبر “تصريحات التلفاز”.”أعتقد أن هذا الملتقى مهم جدا لنرى بعضنا ونتحدث وجها لوجه، وليس من خلال قراءة التصريحات أو مشاهدتها عبر التلفاز”. والبابا يقول ان الإمارات “أرض تسعى لأن تكون نموذجاً للتعايش، والتآخي الإنساني، ونقطة التقاء بين الحضارات والثقافات المتنوعة”، نعم التقت الافاعي في وكر الافاعي لتحقيق هدف التطبيع مع اسرائيل وتحقيق مشروع الشرق الاوسط الجديد.
وبالعودة لما يخطط له بالعراق ارتباطاً بزيارة الپاپا المباركة، ربط العراق بحلف ناتو مصغر بالمنطقة بقيادة إسرائيل. وفتح أبواب الاستثمارات الأجنبية على مصراعيها، فيكون العراق قد بيع للمستثمرين الأجانب (وهم غالبية إسرائيلية) بالكامل. وبحجة القيمة الدينية والتاريخية لمدينة أور سيتم فصلها عملياً من خلال وضعها الجديد كمحج للإسرائيليين ويتبعها عمليا باقي المحافظات، أي سنرى العراق فقط بالاسم وعلى الخارطة. وبهذا يتطابق وجه المرجعية النجفي الأسود بوجه مرجعية الڤاتيكان المسخم.
نبذة مختصرة عن السيرة المشينة للپاپا:
“أرى الكثير من مظاهر البهجة والاحتفال بالبابا فرانسيس، إلا أنني أعيش حالة من الألم لانتخابه”. هذا ماصرحت به غراسيلا يوريو، أخت القس أولاندو يوريو الذي جرى اختطافه وتعذيبه لخمسة أشهر في مايو/أيار عام 1976، أثناء حكم العسكر المدعوم امريكيا للأرجنتين. وتتهم يوريو البابا فرنسيس (خورخيه ماريو برغوليو) بتسليم أخيها أورلاندو والقس فرانسيسكو جاليكس للسلطات العسكرية بعد أن رفضا إبداء الدعم للنظام الفاشي العسكري لنشاطاته “الاجتماعية” في المناطق الفقيرة من مدينة بوينس.
وصدر تحقيقان صحفيان، عام 1986 والآخر عام 2005 عن مركز الدراسات القانونية والاجتماعية (منظمة حقوقية أرجنتينية غير حكومية). يؤكدان فيهما بأن الپاپا كان على علاقة بالنظام العسكري في الأرجنتين.
وخلال فترة ترأسه أساقفة بوينس آيرس، دعم الپاپا توفير نوع من الحماية القانونية للأزواج من الممثلين. وسبق له ان صرح في هذه الأيام بأن “الأشخاص المثليين يجب أن تتم حمايتهم بالقوانين المدنية”، “ما يتعين علينا إنشاؤه هو قانون اتحاد مدني. وبهذه الطريقة يتم حمايتهم قانونيا ولقد دافعت عن ذلك”.
أضف تعليق